علم العقاب

ثمة ظاهرتان متلازمتان عرفتهما البشرية على مر العصور، وهما ظاهرة الجريمة والعقاب. انشغل الفلاسفة والمفكرين والباحثين بهما، محاولين  معرفة أسباب الجريمة، وتحديد العقاب المناسب لها لمكافحتها. اقترن العقاب بالجريمة، وأخذ أشكالا متعددة. منها ردود الفعل المباشرة ضد مرتكب الجريمة فكانت الشدة والقسوة. واستمرت العقوبة في قسوتها وأخذت وظيفة الردي على أساس المصلحة الاجتماعية الخاصة لطبقة معينة، الى أن ظهرت في الغصور الحديثة العديد من الحركات الفكرية والإصلاحية، وتعالت الأصوات التي تنادي بالحد من قسوة العقوبة وإصلاح النظم. فبدأت بالكشف عن السجون وما يجري داخلها، ونادت بالاهتمام بالمساجين وتحسين تغذيتهم ورعايتهم، واحترام ادميتهم.وكان ذلك كله ممهدا لبزوع علم جديد أطلق علية اسم علم العقاب. هذا العلم الذي كان يعرف بعلم السجون، اتسع نطاقه، وتعددت مجالاته، وتنوعت دراساته ونظرياته. وأصبة يقدم مساعدته الى السلطة التشريعية، والسلطة القضائية، والسلطة التنفيذية، ويقف معها في مكافحة الجريمة والسلوك الإجرامي. ونظرا لتلك الأهمية التي يحظى بها علم العقاب جاء هذا المؤلف، الذي حاولنا به أن نعرض لموضوعات علم العقاب من خلال جهود العلماء والباحثين والمهتمين، مع بعض التطبيقات من واقع الأنظمة السعودية. وبدأ الاهتمام بدراسة العقوبات السالبة للحرية، والمؤسسات العقابية والنظم المطبقة فيها. وتوالى بعد ذلك الاهتمام بشخصية المجرم من خلال تفريد العقوبة، ومن ثم ظهور فكرة التدابير العلاجية والتهذيبية.