يعتمد الكتاب نظرية (الاستدلال العقلي الوجداني) منطلقا
من قصص حياتنا التي تختارنا وتتشبث بنا لنقف عليها متبصرين
بدلالاتها، وهي تختلف عن قصص سيرتنا العامة بما أنها نوع
من الأفكار الشعورية أو الرسائل القلبية وتسير حسب مسارات
الأسئلة الوجودية ومرحلة انبثاقها المبكر مع تساؤلات الطفولة
بدافع محاولة التعرف الفطرية، وهذا نوع من التساؤلات يذوب
مع الوقت ويختفي، ولكن يقع كثيرا أن تحضر الأسئلة تبعا لنضج
العقل والمعرفة مع مراحل العمر واتساع المدارك، وتتحرك عادة
بفعل أحداث تقع دون تخطيط منا، وهي قصصنا الخاصة التي
تجبرنا على التفكر في مغزاها وعن ماهيتها، وهنا تأتي الحاجة
للاستدلال ابتداء من الأفكار الشعورية ومصدرها القلب، ولكن
العقل قد يتجاهلها أو يتعالى عليها، أما إن استجاب العقل لدواعي
الأفكار الشعورية وآلفها مع تفكره العقلاني فستنشأ هنا حال من
التوازن بين العقل والقلب وميله الأولي، وهذه هي الحالة التي
تجعل الإيمان ينبثق وجدانيا وعقليا معا في نظام استدلالي
متوازن يسلم من غرور العقل ومن جموح العاطفة.